وأما الفرنسيون؛ فقد كانت العداوة بينهم مختلفة؛ ولهذا نجد أن هذه الدول الثلاث قل أن تتفق تاريخها، فتجد أن الحروب والخلافات والشحناء موجودة بينها، فإذا اتفقت منها اثنتان فهما ضد الثالثة غالباً، وفي هذه الأيام يريدون إقامة الدولة الأوربية، أو الولايات الأوربية المتحدة، فتصبح أوروبا دولة واحدة تتناسى كل هذه الخلافات، لكن الغالب عليها هو هذا.
فهنا في هذه الفترة -وهذا الكلام قبل مائتين سنة تقريباً فصاعداً- امتدت ونشأت وترعرعت الأفكار القومية في كل دولة من هذه الدول، فأصبح لكل دولة شعراؤها، وشعاراتها ورموزها، وتاريخها، ومفاخرها.. وهكذا، وابتعدت كل واحدة عن الأخرى ابتعاداً شديداً بعد أن كانت قبل الثورة الفرنسية، وقبل حركة مارتل لوثر ؛ كانت أوروبا كلها أمة واحدة، ويجمعها دين واحد، فتشعبت تشعباً شديداً جداً.